التخطي إلى المحتوى
صحيفة “نيويورك تايمز”: السعودية تغرق في التقشف.. وملوكها ينعمون بالترف

السعودية تغرق في التقشف.. وملوكها ينعمون بالترف

سلطت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية الضوء على العيشة المترفة التي يحياها ملوك وأمراء المملكة العربية السعودية،  والتي تتجلى في اقتناء القصور الفارهة والمصايف الراقية خارج المملكة والإنفاق بسخاء، في وقت تمضي فيه البلد الخليجي الغني بالنفط وبقوة في اتخاذ حزمة من التدابير التقشفية في ظل أزمته الاقتصادية الراهنة.

وذكرت الصحيفة في سياق تقرير حمل عنوان ” الأسرة المالكة السعودية تنفق ببذخ في عصر التقشف” أن السعودية تعيش وقتا من التحديات الاقتصادية العصيبة التي تتجلى في الانخفاض الحاد في أسعار النفط والحرب التي تخوضها في اليمن، ما أجبر السلطات هناك على خفض رواتب الوزراء وتجميد رواتب الموظفين الحكوميين في أعقاب تسجيل الموازنة عجزا قياسيا بلغ 97 مليار دولار العام الماضي، ناهيك عن إرجاء تنفيذ مشروعات البناء الكبرى التي تُقدر بمليارات الدولارات.

لكن كل هذا، وفقا للتقرير، لم يمنع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز من إنفاق الملايين من أجل إضافة بعض اللمسات الجمالية الجديدة إلى قصره الخاص الذي شيده الملك سلمان بالمجمع الضخم الواقع في مدينة طنج المغربية لقضاء عطلة الصيف.

واستشهد التقرير بما أظهرته صور التقطتها الأقمار الصناعية في أكتوبر الماضي أن المجمع ضم الآن ثلاثة مهابط للطائرات وعدة بنايات إضافية وخيمة في حجم سقف سيرك كبير، مضيفا أن المجمع الذي يعد أحد الوجهات المفضلة لـ سلمان، بات الآن محاطا بسور طوله 1500 مترا، ويعمل به 30 من أفراد الحرس الملكي المغربي، ويضم أيضا المنشآت الطبية الخاصة به والمطاعم الفائقة.

العائلة الحاكمة في السعودية تجني ثروتها من احتياطيات النفط

وأشار التقرير إلى أن العائلة الحاكمة في السعودية تجني ثروتها من احتياطيات النفط الذي كان قد اكتشف لأول مرة أثناء فترة حكم والد سلمان الملك الراحل عبد العزيز بن سعود قبل أكثر من خمسة وسبعين عاماً.

وأوضح التقرير أن عائدات بيع النفط  تجلب مليارات الدولارات وتنفق سنوياً على البدلات والمكافآت وعلى الوظائف العليا داخل القطاع العام وعلى شكل مخصصات لأفراد العائلة الحاكمة الذين يملك الأثرياء منهم، بجانب القصور  الفاخرة في بلادهم، أراضي في فرنسا،  وتزداد الأموال داخل حساباتهم في البنوك السويسرية، وترتدي نساؤهم تحت عباءاتهن أفخر الفساتين وأغلاها ثمناً، ويقضون أجمل الأوقات على متن أفخر اليخوت في العالم بعيداً عن أنظار العامة.

 ولفت التقرير إلى أن العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز يترأس مجلس إدارة أعمال العائلة التي يُطلق عليها وإن لم يكن بصورة رسمية “مؤسسة آل سعود”.

وتعرض الاقتصاد السعودي، بسبب استمرار انخفاض أسعار النفط في السنوات الأخيرة، لهزة شديدة، وثمة تساؤلات حول ما إذا كانت العائلة الحاكمة  التي يُقدر أفرادها بالآلاف ويتزايدون باستمرار، ستنجح  في الإبقاء على نمط معيشتها البذخ بالتزامن مع الاستمرار في إحكام قبضتها على البلاد. 
 
 ونسب التقرير لـ الأمير خالد بن فرحان آل سعود، أحد أفراد العائلة والذي انشق عنها واستقر في ألمانيا: “بات الناس يملكون الآن أموالا أقل مما كانوا يملكونه  في السابق،  لكن أحوال الأسرة المالكة لم يظهر عليها أي تغيير. فجانب كبير من أموال الدولة لا يدخل الميزانية، وصاحب القرار في ذلك هو الملك، وهو وحده الذي يحدد قيمة الأموال التي تدخل الموازنة.”

الملك سلمان يحدث انقلاب في تقاليد ولاية العهد ووراثة الملك في البلاد

وسلط التقرير أيضا الضوء على الانقلاب الذي أحدثه الملك سلمان في تقاليد ولاية العهد ووراثة الملك في البلاد، وذلك خلال عامين فقط من حكمه، ما  نتج عنه تصدعات وفجوات في العائلة جراء تخطيه للعديد من الأشقاء من أجل تنصيب أبناء الجيل الجديد في السلطة.

وأطاح سلمان بذلك بشخصيات بارزة داخل الفروع الأخرى للعائلة وأبعدها عن الحكم وحرمها من الوظائف الوزارية العليا، ليركز بذلك السلطة في يديه ويزرع الغضذب داخل عائلة تحتاج الآن بصورة ماسة إلى الوحدة والتماسك وبأكثر من أي وقت مضى.

وعلق ستيفان هيرتوج، الأستاذ المشارك في كلية الاقتصاد بجامعة لندن والذي ألف كتاباً حول الاقتصاد السياسي في المملكة العربية السعودية بعنوان “أمراء ووسطاء وبيروقراطيون: على الثراء الفاحش لملوك وأمراء السعودية بقوله: “يبدو أن الأمراء يتمتعون في ظل حكم سلمان بالكثير جدا من الامتيازات المادية”.

 وأوضح تقرير ” نيويورك تايمز” أن الملك سلمان يمتلك هو الأخر عقارات واستثمارات كبيرة في فرنسا، وتثبت السجلات العقارية في فرنسا أنه يمتلك أكثر عن عشر شقق في حي الأثرياء في باريس المعروف باسم “أرونديسمو السادس عشر” بقيمة 35 مليون دولار  تقريبا، كما يملك منزلا فارهاً في “كوت دازور” في فرنسا وقصراً في ماربيا في إسبانيا في منطقة كوستا ديل سول. 

وفوق هذا وذاك، يمتلك سلمان طبعا مجوعة من القصور الفارهة و المنتجعات الريفية في مناطق تمتد من البحر الأحمر إلى الخليج العربي،  لكن مجمع طنجة فيما يبدو بات الآن هو الوجهة المفضلة لديه. 

الرياض بشتى السبل لمواجهة العجز الكبير في موازنتها

ووسط كل هذا، تسعى الرياض بشتى السبل لمواجهة العجز الكبير وغير المسبوق في موازنتها حيث أقدمت الحكومة على خفض رواتب العاملين في القطاع الحكومي وخفض دعم السلع، مما رفع تكاليف الوقود والكهرباء والمياه. وعلاوة على ذلك، شرعت الحكومة بالفعل في  اقتراض المليارات من الداخل ومن الخارج على حد سواء، وتزامن ذلك مع انحسار الوظائف الحكومية — علماً بأنها أكبر جهة لتوظيف السعوديين وأكثرها جذباً لهم، مما أثار هلع الشباب الذين لا يتمكنون من إيجاد وظائف وأقلقهم من المستقبل. 

عن الكاتب

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.