التخطي إلى المحتوى
كيف تستطيع تقييد فيل ضخم فى قطعة خشب صغيرة ! الفيل نيلسون و الرجل الثري
الفيل نيلسون و الكرة

فخ الصيادين و إصطياد الفيل :

في يوم من الأيام سقط فيل أبيض صغير فى فخ نصبه الصيادون فى إفريقيا، كان الفيل صغير إنذاك حيث لم يتجاوز الشهرين من العمر.

أخذ الصيادون الفيل و باعوه فى الأسواق لرجل ثري جداً، وكان هذا الرجل يمتلك حديقة حيوانات متكاملة.  أخذ هذا المالك الفيل و أطلق عليه اسم “نيلسون”. وبعد ذلك أرسله إلى بيته الجديد في حديقة الحيوانات.

عندما وصل المالك مع نيلسون إلى المكان الجديد، قام عمال هذا الرجل الثري بربط أحد أرجل نيلسون بسلسلة حديدية قوية. ووضعوا كرة كبيرة من الحديد والصلب فى نهاية الطرف الآخر من السلسلة، ثم وضعوا “نيلسون” فى مكان بعيد فى تلك الغابة مكبلاً بتلك السلسلة!

ثورة نيلسون و محاولة الخروج من الأسر :

شعر نيلسون بالغضب الشديد من جراء هذه المعاملة القاسية، وعزم على تحرير نفسه من هذا الأسر، ولكنه كلما حاول أن يتحرك ويشد السلسلة الحديدية كانت الأوجاع تزداد عليه. وبعد عدة محاولات تعب الفيل تعباً شديداً وخلد إلى النوم.

وفي صباح اليوم التالي إستيقظ و فعل نفس الشيء لمحاولة تخليص نفسه، ولكن بلا جدوى حتى تعب وتألم ونام!

ومع كثرة محاولاته وكثرة آلامه وفشله، قرر “نيلسون” أن يتقبل الواقع، ولم يحاول تخليص نفسه مرة أخرى على الرغم أنه يزداد كل يوم قوة وكبر حجماً، لكنه قرر ذلك وبهذا استطاع المالك الثري أن يروض الفيل “نيلسون” تماماً .

وفي إحدى الليالي عندما كان نيلسون نائماً ذهب المالك مع عماله وقاموا بتغيير الكرة الحديدية الكبيرة لكرة صغيرة مصنوعة من الخشب!

فشل نيلسون فى إسترجاع حريته :

وهنا كانت الفرصة لنيلسون لتخليص نفسه، ولكن الذي حدث هو العكس تماماً !

لقد تبرمج الفيل على أن محاولاته ستبوء بالفشل وتسبب له الآلام والجراح، وكان مالك حديقة الحيوانات يعلم تماماً أن الفيل “نيلسون” قوي للغاية، ولكنه كان قد تبرمج بعدم قدرته وعدم استخدامه قوته الذاتية .

وفي يوم ما زار فتى صغير مع والدته حديقة الحيوانات ، وعندما رأى الفيل الضخم مكبلاً بكرة من الخشب الخفيف إندهش الفتى تماما.

ذهب إلي المالك يسأله : هي يمكنك يا سيدي أن تشرح لي كيف أن هذا الفيل القوي لا يحاول تخليص نفسه من الكرة الخشبية؟

فرد الرجل: بالطبع أنت تعلم يا بني أن الفيل “نيلسون” قوي جداً، ويستطيع تخليص نفسه في أي وقت، وأنا أيضاً أعرف هذا، ولكن والمهم هو أن الفيل لا يعلم ذلك ولا يعرف مدى قدرته الذاتية !

المغزى من القصة :

لا تسمح لأحد أن يبرمجك علي الخوف :

معظم الناس تٌبَرمج منذ الصغر على أن يتصرفوا بطريقة معينة ويعتقدوا اعتقادات معينة، ويشعروا بأحاسيس سلبية معينة، واستمروا في حياتهم بنفس التصرفات تماماً مثل الفيل “نيلسون” وأصبحوا سجناء في برمجتهم السلبية، واعتقاداتهم السلبية التي تحد من حصولهم على ما يستحقون في الحياة .

فنجد نسب الطلاق تزداد في الارتفاع والشركات تغلق أبوابها والأصدقاء يتخاصمون وترتفع نسبة الأشخاص، الذين يعانون من الأمراض النفسية والقرحة والصراع المزيف والأزمات القلبية!

كل هذا سببه عدم تغيير الذات، عدم الارتقاء بالذات .

التغيير أمر حتمي ولا بد منه :

إن التغيير أمر حتمي ولا بد منه، فالحياة كلها تتغير والظروف والأحوال تتغير حتى نحن نتغير من الداخل، فمع إشراقه شمس يوم جديد يزداد عمرك يوماً، وبالتالي تزداد خبراتك وثقافاتك ويزداد عقلك نضجاً وفهماً، ولكن المهم أن توجه عملية التغيير كي تعمل من أجل مصلحتك أكثر من أن تنشط للعمل ضدك .

لا تكرر خطأ “نيلسون” :

إن الفيل نيلسون كمثال، تغير هو نفسه فازداد حجماً وازداد قوة، وتغيرت الظروف من حوله فتبدلت الكرة الحديدية الكبيرة إلى كرة خشبية صغيرة، ومع ذلك لم يستغل هو هذا التغيير ولم يوجهه، ولم يغير من نفسه التي قد أصابتها اليأس ففاتته الفرصة التي أتته كي يعيش حياة أفضل!

إرشادات الدين على الطريق الصحيح :

إن الله تعالى قد دلنا على الطريق إلى الارتقاء بأنفسنا وتغيير حياتنا إلى الأفضل فقال تعالى:

{ِإنَّ اللَّه لا يغير ما ِبقَومٍ حتى يغيروا ما ِبأَنفُسِهِم} الرعد: ١١

ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد دلنا على الكيفية التي نغير ا أنفسنا، فقال صلى الله عليه وسلم :

“ومن يستغن يغنه الله ومن يستعفف يعفه الله ومن يتصبر يصبره الله “

وقال صلى الله عليه وسلم:

“إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم، ومن يتحرر الخير يعطه، ومن يتوق الشر يوقه”

فكل واحد فينا من الممكن بل من السهل أن يتغير للأفضل، وكلما ازداد فهمك لنفسك وعقلك أكثر كلما سهل عليك التغير أكثر .

يجب أن تقبل أدوات التغيير لنفسك ولعقلك، ومن المهم أن تتذكر دائما أن التغيير يحدث بصفة مستمرة، وأنك إن لم تستطيع توجه دفة التغير للأفضل فستتغير للأسوأ !

قال تعالى: {لمن شاءَ منكُم  َأنْ يتقَدم َأو يتأَخر} المدثر: ٣٧

فهو إما صعود أو هبوط؛ إما تقدم أو تأخر، إما علو أو نزول . والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو كيف أغير من نفسي؟ كيف أتحسن للأفضل؟

شروط التغيير الثلاثة :

الشرط الأول: فهم الحاضر :

الفرصة الخاصة بالتغير لا يمكن أن تتواجد إلا في وقتك الحاضر، وهذا يعني أن الشرط الأول من أجل تحقيق تغيير مجد هو أن ترى بوضوح أين توجد الآن وفي هذه اللحظة. لا تخفِ نفسك بعيدا عن الحقيقة الراهنة، فإذا كانت هناك بعض المظاهر التي لا تعجبك، فبوسعك أن تبدأ بتخطيط كيفية تغييرها، لكنك لو تظاهرت بعدم وجودها فلن تقوم بتغييرها أبداً، ولذا فكن صريحاً مع نفسك منصفًا في رؤيتك لها على وضعها الحالي .

الشرط الثاني: لا تؤرق نفسك بالماضي :

إن الامتعاض بالأخطاء والهموم التي جرت بالأمس أمر مفهوم، لكنه من الخطأ أن تسمح للماضي أن يكون سجناً لك، وبذلك فإن الشرط الثاني للتغيير المثمر هو المضي بخفة بعيداً عن الماضي. إن الماضي بنك للمعلومات يمكنك أن تعلم منه، لكنه ليس بالشرك الذي يسقطك في داخله .

فخذ ما تشاء من الماضي من فوائد وخبرات ومعلومات، لكن إياك أن تعيشي في الماضي.

أنت الآن شخص جديد أقوى بكثير من الماضي، وأفضل بكثير من الماضي، واستفدت من أخطاء الماضي فكيف تعيش فيه؟

الشرط الثالث: تقبل الشك في المستقبل :

 قال تعالى: {قُلْ لا يعلَم من في السماوات والأَرضِ الْغيب ِإلاَّ اللَّه} النمل: ٦٥.  وقال تعالى: {عالم الْغيبِ فَلا يظْهِر علَى غَيبه أحداً} الجن: ٢٦

إن المستقبل بالنسبة لنا أمر غيبي لا ندري ما الذي سيحدث فيه، ولكن هذا لا يعني ألا نضع الأهداف، وألا نخطط لمستقبلنا، هذا لا يعني ألا نتوقع ولا نتقبل الشك فيما قد يحدث لنا وللعالم حولنا لنكون على أهبة الاستعداد له، فعلينا الأخذ بالأسباب المتاحة لنا، وقد ادخر رسول الله صلى الله عليه وسلم نفقة أهله لسنة كاملة. ولذا فكي نحقق تغييراً مثمراً فإننا بحاجة إلى ترك مساحة للمجهول المشكوك فيه .

عن الكاتب

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.