التخطي إلى المحتوى
إشتعال الإحتجاجات في الجزائر بسبب غلاء الأسعار
إحتجاجات في الجزائر

إشتعال الإحتجاجات في الجزائر بسبب غلاء الأسعار

بدأ العام  الجديد 2017 في الجزائر بموجة من الاحتجاجات المناهضة للنظام التي أشعلت الشارع الجزائري وصاحبها أعمال عنف نادرة من نوعها، وذلك اعتراضًا على قانون المالية الجديد والذي تسبب في غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار.  

ويحتج الجزائريون على الضرائب الجديدة، التي ضمنتها حكومتهم في قانونها المالي للعام الجاري، بالإضافة إلى غلاء المعيشة وتدهور الأوضاع والخدمات العامة في البلد الغني بالبترول.

وحمل المحتجون مسؤولية هذه الأحداث وما سيتلوها لحكومة بلادهم، التي يقولون إنها تسعى إلى إفقارهم وتأزيم أوضاعهم أكثر مما هي عليه، إذ لجأت إلى سد الثغرات المالية بمزيد من الضرائب على صغار التجار وأصحاب المهن البسيطة.

يذكر أن احتجاجات مدينة بجاية شمال البلاد لا تعتبر المرة الأولى إذ سبق أن قام سكان المنطقة بمظاهرات واحتجاجات خلال يناير 2016 بعدما تم إعلان موازنة الجزائر 2016 حينها.

تطور الإحتجاجات

والتطور السريع للإحتجاجات وأعمال العنف يشبه أحداث كتلك التي وقعت في عدد من ولايات البلاد في 5 أكتوبر 1988.

وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي، فيديو لمجموعة من الشباب المتظاهرين وهم يقتحمون مقر محل شركة “كوندور” بوسط بجاية ويستحوذون على كل ما بداخل المحل، كما تعرضت مقرات شركات أخرى للتخريب والسرقة.

وقام بعض المحتجين من البلديات الواقعة بالجهة الشرقية لولاية البويرة، بغلق الطرقات ببلدية رافور بدائرة مشدالة وبلدية العجيبة وأضرموا النيران في العجلات وأغصان الأشجار، قبل أن تتدخل وحدات الدرك من أجل إعادة فتح الطريق.

اشتباكات البويرة

ولم تقتصر هذه الاشتباكات على مدينة بجاية وضواحيها فحسب بل انتقلت إلى مدينة البويرة (130 كلم شرق العاصمة) التي عرفت هي الأخرى مظاهرات عشوائية استدعت تدخل عناصر الأمن.  

وتخشى الحكومة أن تنتقل العدوى إلى مدينة تيزي وزو، وهي عاصمة منطقة القبائل المعروفة بأنها منطقة مسيسة بامتياز وبعدائها للنظام الجزائري منذ الاستقلال.

وتأتي هذه المواجهات بعد عمليات احتجاجية واسعة النطاق نظمها تجار منطقة القبائل الذين قرروا غلق محلاتهم التجارية تنديدا بسياسة رفع أسعار المنتجات الأساسية والمواد الاستهلاكية الأولية التي أقرتها حكومة سلال في إطار قانون المالية 2017 والتي يخشى متتبعو السياسة الجزائرية أن تفجر الأوضاع الهشة.

كما تأتي أيضا هذه الاحتجاجات بعد طفرة مالية كبيرة عرفتها الجزائر خلال السنوات العشرة الماضية جنت خلالها أكثر من 800 مليار دولار من صادرات النفط لكن دون أن تتمكن من تحسين ظروف معيشة الجزائريين.

قرارات الحكومة

وكان رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال أعلن في مداخلة عبر التلفزيون الجزائري الوطني في 28 ديسمبر الماضي عن سلسلة من القرارات، أبرزها رفع أسعار بعض مواد الاستهلاك الأساسية على غرار الحليب والبنزين والخبز والمواد الإلكترونية تسديدا للعجز المالي الذي تواجهه الحكومة بعد تراجع أسعار النفط من 110 دولار في 2013 إلى ما بين 45 و50 دولار في الوقت الحالي.

وقبل موعد الانتخابات التشريعية المقررة في شهر أبريل المقبل، تحاول الحكومة الحفاظ على الاستقرار السياسي والسلم الاجتماعي علما أن البلاد تواجه تحديات صعبة، أبرزها تراجع مستوى النمو الاقتصادي والفراغ السياسي في أعلى هرم السلطة منذ 2014 بسبب حالة الرئيس بوتفليقة الصحية، إضافة إلى التهديدات الإرهابية.

ورغم انتخاب عبد العزيز بوتفليقة للمرة الرابعة في أبريل 2014 الماضي، فإنّ مرضه منعه حتى الآن من إلقاء خطاب أمام شعبه، ما جعل التساؤلات تزداد حول هوية المسيرين الحقيقين للبلاد.

إفقار الشعب مقصود

 بدوره قال الناشط السياسي الجزائري حمزة بلحاج، إن النظام الجزائري يدار الآن من قبل عصابة وشبكة مصالح تتحكم في مصالح المواطنين، لافتاً أن الرئيس الجزائري في تعداد الأموات ويكفي أنه حتى الآن لم يظهر بخطاب طمأنة للشعب الثائر.

وأضاف في تصريحات لـ”مصر العربية” أن النظام نهب أموال البترول الحالية والمستقبلية الخاصة بالأجيال القادمة في مشاريع وصفقات ليس لها أي عائد إيجابي على المواطن الجزائري الذي لم يعد يحتمل في ظل الارتفاع الجنوني في الأسعار.

وأوضح أن الحكومة تريد سد فجوات فشلها بقوت الشعب الجزائري من خلال رفع الأسعار والدخول في حالة تقشف رغم ما تملكه الدولة من خيرات، مؤكداً أن إفقار الشعب مقصود حتى لا يستطيع المطالبة بأي حقوق أخرى.

مجرد موجة احتجاجات

فيما قال الدكتور مختار غباشى ـ نائب رئيس المركز العربى للدراسات السياسية، إن ما يحدث في الجزائر من تراجع اقتصادي أدى لاحتجاجات نتاج سيطرة لوبي المصالح على القصر الرئاسي في ظل الحالة الصحية المتردية للرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة.

وأضاف في تصريحات لـ”مصر العربية” أنه على الرغم من قتامة الوضع الآن في الجزائر بسبب أعمال العنف في الشوارع من قبل المحتجين، إلا أنه يرى أنها موجة احتجاجات حقيقة لا يحركها حتى الآن إلا مظالم الشارع.

ولفت إلى أن تجربة التسعينيات عانت من الجزائر كثيراً مستبعداً أن يكرر الشعب الجزائري هذه التجربة لأنها مكلفة كثيراً، خاصة في ظل التطور السريع للأحداث في الدول العربية التي يتربص بها القوى الغربية لتأجيج الصراعات.

أزمة اقتصادية

وتعيش الجزائر أزمة اقتصادية بسبب تراجع أسعار النفط في السوق الدولية قبل عامين، وتقول السلطات إن البلاد فقدت نصف مداخيلها جراء الأزمة النفطية.

وتراجعت إيرادات الجزائر من مبيعات النفط ومشتقاته بنسبة 20.66% على أساس سنوي، خلال الشهور الأحد عشر الماضية من العام الجاري، بقيمة تراجع بلغت 6.26 مليارات دولار.

وتسبب تراجع عائدات النفط في عجز قياسي بـ 17.2 مليار دولار للميزان التجاري للجزائر، صعوداً من 15.39 مليار دولار في الفترة المناظرة.

الحكومة تتوعد مثيري الشغب

توعد وزير الداخلية الجزائري نور الدين بدوي بملاحقة كل من يحاول المساس بالأملاك العامة أو الخاصة؛ مؤكدا أن “الدولة الجزائرية بمؤسساتها وقوانينها وعدالتها ستقف بالمرصاد لهؤلاء”.

وقد تجددت الاشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين بولاية بجاية لليوم الثاني على التوالي. كما امتدت الاحتجاجات لتشمل مدينة البويرة شرق البلاد، وسط مخاوف من أن تصل الحركة الاحتجاجية إلى مدينة تيزي وزو – عاصمة منطقة القبائل المعروفة بحساسيتها الشديدة.

وتصدت قوات الأمن للمتظاهرين وغالبيتهم شبان أضرموا النار في عدد من المحلات التجارية، ورفعوا شعارات منددة بالغلاء وزيادة الضرائب وانتشار الفساد.

واستخدمت الشرطة القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين الغاضبين. وسقط خلال المواجهات عدد من الجرحى بين رجال الأمن والمتظاهرين.

 

عن الكاتب

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.