التخطي إلى المحتوى
أسباب تحالف روسيا مع تركيا وتهميش إيران
أردوغان و بوتين

أسباب تحالف روسيا مع تركيا وتهميش إيران

رغم التباين الواضح بين أنقرة وموسكو في الأزمة السورية، والصدام العسكري والدبلوماسي، إلا أنهما أصبحا أقوى حليفين عسكريين في الشرق الأوسط في أقل من عام

فعلى عكس التوقعات، تتوطد العلاقات الروسية التركية يومًا بعد يوم، هنا يساعد الروس تركيا في قصف داعش بمنطقة الباب، يعقبه مفاوضات روسية تركية بشأن سوريا، واعتراف روسي بالجيش الحر، ضمانات كلها جاءت في صالح الأتراك رغم رفض الإيرانيين

دخول تركيا على خط المحور الروسي الإيراني زاد ارتباك طهران، ودفع ساستها إلى طرح تساؤلات عن إمكانية تشكيل هذا التفاهم تهديدًا لمصالحها، خصوصًا في سوريا والعراق، الدولتين اللتين تسيطر عليهما طهران منذ سنوات

هيمنة موسكو وأنقرة على المشهد الأمني في سوريا زاد المخاوف لدى الإيرانيين وأربك حساباتهم، وما زاد الأمر صعوبة هو الدعم الروسي المفاجئ والواسع لعمليات “درع الفرات” التي تقوم بها القوات التركية في الشمال السوري

ورغم  ثقل إيران في المعادلة الإقليمية إلا أنَّ كثيرا  من المراقبين  يرون  أن وقف إطلاق النار في سوريا تم في وقت تراجعت فيه دور  مكانة إيران خلال الاتفاق الروسي – التركي”

بعض الكتّاب الإيرانيين اعتبروا التقارب التركي الروسي بشأن حل القضية السورية، إضعافاً لدور طهران وإخراجها من طاولة المحادثات والمفاوضات

الجيش التركي أوضح في بيان يوم الاثنين، “أن راجمات صواريخ ودبابات ومدفعية تركية استهدفت 103 مواقع لداعش في المنطقة المذكورة، وأن القصف الجوي والبري التركي المذكور أسفر عن مقتل 22 مسلحًا من “داعش”، وأن طائرات روسية دمرت أهدافاً للتنظيم في قرية دير قاق التي تبعد 8 كيلومترات جنوب غربي مدينة الباب”.

موسكو وأنقرة تتجه يومًا بعد يوم إلى مزيد من الترابط والتعاون

الدكتور محمد فراج أبو النور، المحلل السياسي والخبير في الشأن الروسي يرى أن تفاهمات موسكو وأنقرة تتجه يومًا بعد يوم إلى مزيد من الترابط والتعاون خاصة في الملف السوري

وأضاف فراج، بإن التقارب يقوم على أسس صلبة، فتركيا تملك مفاتيح كثيرة تؤهلها للعب أكثر في الأزمة السورية، فالحدود السورية التركية تمتد لأكثر من ألف متر.

وأضاف، أن أردوغان لا يستطيع الاعتماد على الغرب بشكل مطمئن، خاصة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي لمست تركيا أن للغرب يدا فيها.

واستطرد الخبير في الشأن الروسي، أن علاقة تركية القوية بالتنظيمات المقاتلة على الأرضي السورية أمر لا يمكن أن تتجاهله موسكو في إدارة الأزمة في سوريا.

وتابع، أن بويتن وأردوغان أدركوا أن هناك مخاوف مشتركة تجمعهم، فدعم الولايات المتحدة الأمريكية للأكراد أزعجهما، فتركيا تخشى قيام كيان كردي مستقل بجانب حدودها، كما أن وروسيا لمست استقواء الاكراد بالولايات المتحدة.

وحول تباعد الشقة بين موسكو وطهران يرى فراج أن، إيران ترى في نفسها لاعبًا إقليميا لا يقل عن الدور التركي لذلك ترفض أي تقارب روسي على حساب مصالحها في الملف السوري.

وأكد المحلل السياسي أن من أهم الأسباب التى أدت إلى فتور العلاقات بينهما أن، روسيا لا تحتضن المشروعات الطائفية الإيرانية، كما أن روسيا ترى أنها غير مسؤولة عن حماية النفوذ الإيراني في سوريا.

وأوضح فراج أن رؤية روسيا للدولة السورية في التسوية السياسية تقوم على دولة علمانية ديمقراطية وهو ما يختلف مع الرؤية الإيرانية التي تتسم رؤيتها بالمذهبية والطائفية.

وأشار المحلل السياسي إلى أن أكثر ما أزعج طهران هو ما تم الإتفاق عليه بين أنقره ومسكو في البند الخاص  بترحيل أي ميليشيا تقاتل على الأراضي السورية بعد القضاء على الإرهاب.

ونوه الخبير في الشان الروسي إلى أن إيران لن تستطيع أن تمضي بعيدا في اللعب ضد روسيا، مؤكدا على أن اعتراضها سيكون في نبرة تحمل قدر من التمني والمطالبة أكثر مما تحمل من النقد والهجوم.

 وسائل إعلام إيرانية  تعرب عن امتعاضها من التقارب التركي الروسي

وفي مقالة في صحيفة “شرق” الإيرانية، قال “سيد علي حرّم” السفير السابق لطهران لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف، إنّ فعاليات موسكو في سوريا، وتعاونها مع أنقرة إلى جانب تهميشها لطهران، يؤكّد أنّ موسكو لا تأخذ إيران على محمل الجد.

وأعربت وسائل إعلام إيرانية عن امتعاضها من التقارب التركي الروسي بشأن الأزمة السورية والمترجم باتفاق وقف إطلاق النار، معتبرة ذلك تهميشاً للدور الإيراني.

ورغم محاولات بعض وسائل الإعلام الإيرانية طمس تأثير أنقرة في حل الأزمة السورية، إلّا أنّ بعض الكتّاب الإيرانيين اعتبروا التقارب التركي الروسي بشأن حل القضية السورية، إضعافاً لدور طهران وإخراجها من طاولة المحادثات والمفاوضات.

ونقلت بعض وسائل الإعلام الإيرانية محادثة رئيسهم حسن روحاني بنظيره الروسي فلاديمير بوتين قبل 33 أيام، على أنّ روحاني ذكر أنّ اتفاق وقف إطلاق النار في عموم سوريا تمّ بجهود إيرانية روسية سورية، فيما ذكرت وكالة “إرنا” الرسمية تصريحات بوتين على أنه قال “إنّ روسيا وإيران وتركيا هي الجهات الضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار بسوريا”.

وفي مقالة له في صحيفة “شرق” الإيرانية، قال “سيد علي حرّم” السفير السابق لطهران لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف، إنّ فعاليات موسكو في سوريا، وتعاونها مع أنقرة إلى جانب تهميشها لطهران، يؤكّد أنّ موسكو لا تأخذ إيران على محمل الجد.

من جانبه قال الدكتور نعمت أحمدي عضو الكادر التدريسي في كلية الحقوق بجامعة طهران في مقالة نشرتها إحدى مواقع الانترنت: “تركيا تحمّلت وما زالت تتحمّل عبء الحرب السورية، لكن أين إيران؟ وأين المدافعين عن القبور المقدسة؟ هل فقدوا أرواحهم كي تكون إيران خارج طاولة المحادثات السورية؟”.

وتساءل أحمدي عن دور إيران ورئيس النظام السوري المتمثل بشخص بشار الأسد، في اتفاق وقف إطلاق النار المعلن في سوريا، مؤكّداً في هذا السياق أنّ الاتفاق حصل بضمانة تركية روسية فقط.

في السياق قال السفير يحي نجم، أن هناك اختلافا واضحا بين مصالح  موسكو وطهران في سوريا، فإيران تحركها الصراعات الطائفية ومحاولة زرع نفوذ جديدة في المنطقة لمواجهة النفوذ السعودي، وهو ما يختلف جذريا مع مصالح الروس وأهدافهم.

وأضاف نجم في تصريحات صحفية، أنه رغم العلاقات التركية القوية مع الغرب، على عكس إيران،  إلا أن موسكو ترى في أنقرة حليفًا استراتيجيا هاما، وهو ما ظهر جليا لا سيما بعد حادثة مقتل سفيرها، ومن قبل إسقاط الطائرة المقاتلة.

وأكد الدبلوماسي السابق على أن روسيا لا ترى فائدة كبيرة للتواجد الإيراني في سوريا، بل على العكس هذا التواجد ذات الطابع الطائفي يمثل عقبة في طريق الأهداف الروسية على الأراضي السورية.

وأشار نجم إلى أن  المخاوف الإيرانية من التقارب الروسي- التركي في المنطقة، يكمن من تحوّل الأتراك إلى ضامن أساسي لمصالح الروس في سوريا، وهذا ما سيدفع روسيا إلى التخلي عن بشار وإيران.

واعتبارا  من منتصف ليل الخميس الماضي 30 ديسمبر، دخل اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا بين الحكومة والمعارضة حيز التنفيذ، بوساطة روسية تركية وبضمان الدولتين وإيران.

ورغم حدوث واستمرار الخروقات والمواجهات بين القوات الحكومية والمعارضة قرب العاصمة السورية دمشق وريف محافظة حماة وسط سوريا، لكن اتفاق وقف إطلاق النار بدا متماسكا إلى حد كبير.

وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه كل من تركيا وروسيا هو خطوة تمهيدية لإطلاق مفاوضات سياسية بين الحكومة السورية والمعارضة برعاية البلدين في العاصمة الكازاخية الأستانة آواخر الشهر الجاري.

ونص اتفاق وقف النار على أن “تلتزم المعارضة بتشكيل وفد من أجل إجراء المفاوضات الخاصة بالحل السياسي الهادف إلى حل شامل للأزمة السورية بالطرق السلمية… لغاية 16 يناير 2017 وذلك بمشاركة مباشرة للضامنين (التركي والروسي). وتحدد المعارضة تشكيل الوفد بمفردها”.

وقد تبنى مجلس الأمن بالإجماع قرارا دوليا يؤيد الاتفاق الذي توسطت فيه تركيا وروسيا بعد التأكيد على رعاية الامم المتحدة لمفاوضات الأستانة، ولا يعد وقف إطلاق النار هذا الأول من نوعه بل سبقه اتفاقات مماثلة لم تصمد طويلا وانهارت سريعا.

الإعلان عن وقف اطلاق النار والمترافق بإعلان عن إطلاق مسار المفاوضات بين النظام والمعارضة جاء بعد تقارب تركيا وروسيا إلى حد بعيد، وصل إلى حد تنسيق البلدين في العمليات العسكرية ضد تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية في مدينة الباب السورية التي تحاصرها القوات التركية منذ عدة أسابيع دون أن تتمكن من السيطرة عليها.

كما يجري الحديث عن توصل تركيا وروسيا إلى تفاهم مشترك حول أسس حل الأزمة السورية وأنه في النهاية سيتم فرض هذا الحل على الطرفين، الحكومة والمعارضة، إذا فشلا في التوصل إلى اتفاق.

عن الكاتب

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.